فصل: وفاة المعتصم وبيعة الواثق.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ظهور المبرقع.

كان هذا المبرقع يعرف بأبي حرب اليماني وكان بفلسطين وأراد بعض الجند النزول في داره فمنعه بعض النساء فضربها الجندي وجاء فشكت إليه بفعل الجندي فسار إليه وقتله ثم هرب إلى جبال الأردن فأقام به واختفى ببرقع على وجهه وصار يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويعيب الخليفة ويزعم أنه أموي واجتمع له قوم من تلك الناحية وقالوا: هو السفياني ثم أجابه جماعة من رؤساء اليمانية منهم ابن بهيس وكان مطاعا في قومه وغيره فاجتمع له مائة ألف وسرح المعتصم رجاء بن أيوب في ألف من الجند فخام عن لقائهم لكثرة من معه وعسكر قبالته ينتظرون أوان الزراعة وانصراف الناس عنه لأعمالهم وبينما هم في الإنصراف توفي المعتصم وثارت الفتنة بدمشق فأمره الواثق بقتل من آثار الفتنة والعود إلى المبرقع ففعل وقاتله فأخذه أسيرا وابن بهيس معه وقتل من أصحابه عشرين ألفا وحمله وذلك سنة سبع وعشرين ومائتين.

.وفاة المعتصم وبيعة الواثق.

وتوفي المعتصم أبو إسحق محمد بن المأمون بن الرشيد منتصف ربيع الأول سنة سبع وعشرين لثمان سنين وثمانية أشهر من خلافته وبويع ابنه هرون الواثق صبيحته وتكنى أبا جعفر فثار أهل دمشق بأميرهم وحاصروه وعسكرهم بمرج واسط وكان رجاء بن أيوب بالرملة في قتال المبرقع فرجع إليهم بأمر الواثق فقاتلهم وهزمهم وأثخن فيهم وقتل منهم نحو ألف وخمسمائة ومن أصحابه نحو ثلثمائة وصلح أمر دمشق ورجع رجاء إلى قتال المبرقع حتى جاء به أسيرا بيعة الواثق توجه أشناس ووشحه وكان للواثق سمر يجلسون عنده ويفيضون في الأخبار حتى أخبروه عن شأن البرامكة واستبدادهم على الرشيد واحتجابهم الأموال فأغراه ذلك بمصادرة الكتاب فحبسهم وألزمهم الأموال فأخذ من أحمد بن إسرئيل ثمانين ألف دينار بعد أن ضربه ومن سليمان بن وهب كاتب إيتاخ أربعمائة ألف ومن الحسن بن وهب أربعة عشر ألفا ومن إبراهيم بن رباح وكاتبه مائة ألف ومن أبي الوزر مائة وأربعين ألفا وكان على اليمن إتياخ وولاه عليها المعتصم بعدها عزل جعفر بن دينار وسخطه وحبسه ثم رضي عنه وأطلقه فلما ولي الواثق إيتاخ على اليمن من قبله سار بأميان فسار إليها وكان الحرس إسحق بن يحيى بن معاذ ولاه المعتصم بعد عزل الأفشين وولى الواثق على المدينة سنة احدى وعشرين محمد بن صالح بن العباس وبقي محمد بن داود على مكة توفي عبد الله بن طاهر سنة ثلاثين وكان على خراسان وكرمان وطبرستان والري وكان له الحرب والشرطة والسواد فولى الواثق على أعماله كلها ابنه طاهرا.

.وقعة بغافى الأعراب.

كان بنو سليم يفسدون بنواحي المدينة ويتسلطون على الناس في أموالهم وأوقعوا بناس من كنانة وباهلة وبعث محمد بن صالح إليهم مسلحة المدينة ومعهم متطوعة من قريش والأنصار فهزمهم بنو سليم وقتلوا عامتهم وأحرقوا لباسهم وسلاحهم وكراعهم ونهبوا القرى مابين مكة والمدينة وانقطع الطريق فبعث الواثق بغا الكبير وقدم المدينة في شعبان فقاتلهم وهزمهم وقتل منهم خمسين رجلا وأسر مثلها واستأمنوا له على حكم الواثق فقبض على ألف منهم ممن يعرف بالفساد فحبسهم بالمدينة وذلك سنة ثلاثين ثم حج وسار إلى ذات عرق وعرض على بني هلال مثل بني سليم فأخذ من المفسدين منهم نحو ثلثمائة رجل وحبسهم بالمدينة وأطلق الباقين ثم خرج بغا إلى بني مرة فنقب أولئك الأسرى الحبس وقتلوا الموكلين فاجتمع عليهم أهل المدينة ليلا ومنعوهم من الخروج فقاتلوهم إلى الصبح ثم قتلوهم وشق ذلك على بغا وكان سبب غيبته أن فزارة وبني مرة تغلبوا على فدك فخرج إليهم وقدم رجلا من قواده يعرض عليهم الأمان فهربوا من سطوته إلى الشام واتبعهم إلى تخوم الحجاز من الشام وأقام أربعين ليلة ثم رجع إلى المدينة بمن ظفر منهم وجاءه قوم من بطون غفار وفزارة وأشجع وثعلبة فاستخلفهم على الطاعة ثم سار إلى بني كلاب فأتوه في ثلاثة آلاف رجل فحبس أهل الفساد منهم ألفا بالمدينة وأطلق الباقين وأمره الواثق سنة اثنين وثلاثين بالمسير إلى بني نمير باليمامة وما قرب منها لقطع فسادهم فسار إليهم ولقي جماعة منهم فحاربهم وقتل منهم خمسين وأسر أربعين ثم سار إلى مرة وبعث إليهم الطاعة فامتنعوا وسار إلى جبال السند وطف اليمامة وبعث سراياهم فأوقع بهم في كل ناحية ثم سار إليهم في ألف رجل فلقيهم قريبا من أضاخ فكشفوا مقدمته وميسرته وأثخنوا في عسكره بالقتل والنهب ثم ساروا تحت الليل وهو في اتباعهم يدعوهم إلى الطاعة وبعث طائفة من جنده يدعوه بعضهم وأصبح وهو في قلة فحملوا عليه وهزموه إلى معسكره وإذا بالطائفة الذين بعثهم قد جاؤا من وجهتهم فلما رآهم بنو نمير من خلفهم ولوا منهزمين وأسلموا رجالهم وأموالهم ونجوا على خيلهم ولم يفلت من رجالتهم أحد وقتل منهم نحو ألف وخمسمائة وأقام بمكان الوقعة واستأمن له أمراؤهم فقيدهم وحبسهم بالبصرة وقدم عليه واجن الأشروسني في سبعمائة مقاتل مددا فبعثه إلى اتباعهم إلى أن بلغ تبالة من أعمال اليمن ورجع وسار بغا إلى بغداد بمن معه منهم وكانوا نحو ألفي رجل ومائتي رجل وكتب إلى صالح أمير المدينة أن يوافيه ببغداد من عنده منهم فجاء بهم وسلموا جميعا.